لعل كثيرا منا لم يتنبه الى اليوم العالمى للمعاقين والذى مر بسلام اليوم دون همس اوزخم اعلامى كما تتمتع به بعض المسميات الاخرى من أيام السنة مثل يوم الايدز ويو م الحب او الاب وغيرها رغم ان 30% من سكان العالم يعد معاقين سواء كانت جسدية او عقلية.
ومع عدم تسليط الضوء على هذا اليوم بالقدر الكافى تذكرت معاملة الصوماليين لذوى العاهات مقارنة ببقية الامم والتى يجب احتذائها فى هذا المضمار.ان الامة الصومالية تعتبر من أشد الامم قساوة فى التعامل مع ضعافها من المجتمع. فلقد تفننوا فى اطلاق الالقاب الجارجة على المعاقين حسب اعاقة الفرد بالمقاس وحبا فى تعميق جراحاتهم خلافا لتعاليم ديننا الحنيف والذى ينص صراحة على أن هذه الامة تنصرو ترزق بضعفائها . فاذا امتحن الشخص بفقد حبيبتيه يسمونه (اندولى) ومن ابتلى بالصمم يطلق عليه (دجولى) مثلا.
هذا اذا كانت الاعاقة جسدية.أما ذا كانت لها ارتباط بالعقل والحس فتلك هى الطامة الكبرى. اذ لا يوجد فى قاموس الصوماليين الا مفردة واحدة لوصف كل ما له صلة بأعراض العقل الا وهو الجنون. يعرف الجميع ان هناك العديد من التشخيصات المتعددة للامراض العقلية والتصرفات غير العادية تتفاوت درجة خطورتها وسبل علاجها. فهناك امراض عقلية تحتاج الى راحة واستقرار وأخرى تحتاج الى تهدئة الأعصاب بنصائح طبية من أخصائى نفسى دون الحاجة الى عقاقير اوحقن ابر كما توجد اعراض عقلية يكمن علاجها بالتفاعل الاجتماعى .يتعرض المرء للتوتر والضغوظ النفسية فى حياته نظرا لظروف صعبة يمر بها و التى قد تؤثرعلى اعصابه وسلوكه الشخصى و كل ما يحتاجه المرء ربما يتمثل فى دعم مادى او نفسى لتزول اعراضه وليست ثمت حاجة الى مداواة من اى مرض عضوى.
فالحقيقة تكمن فى ان الانسان الصومالى يمر بمتاعب متلاحقة و جمة سواء فى الداخل او الخارج مع اختلاف ماهيتها وكل ذلك يؤثر سلبا على مدارك الشخص وقدراته العقلية . واذاما بدرت منه تغيرات فى سلوكه فليس بالضرورة انه فقد وعيه وادراكه.
وبدلا من تقديم العناية المطلوبة للضعيف كما اسلفنا وبالذات من يعانى من اضطرابات نفسية اوعقلية، فاننا نعامله بطريقة غير انسانية حيث نعيره بالمرض أولا ثم نجعله مادة للتسلية والضحك فضلا فيما يتعرض له هذا المريض من رميه بالحجارةمن قبل الصغار او الجرى وراءه حتى الانهاك.
ان المعاقين جزء لا يتجزا من مجتمعنا ولا يمكن الاستغناء عنهم وبمقدورهم على اختلاف عاهاتهم ان يساهموا فى تطوير المجتمع والنهوض به. ان التاريخ زاخر بالمعاقين الذين حققوا الانجازات العلمية والتى لم يتمكن الاسوياء من ادراكها على مرالعصور. فطه حسين مثلا كان عميد الادب العربى كما اطلق عليه وكان كفيف البصر ومصطفى صادق الرافعى والذى طالما تمتعنا بكتاباته النثرية كان اصما. وما الخبير الفيزيائ البريطانى ستيفن هوكنس المعاق كليا فى جامعة كامبردج ببعيد، وكيف انه ساهم فى تعريفنا بالعالم الخارجى المحيط بنا ولا زال مرجعا فى مجال تخصصه الى الان فى جامعة كمبردج.
ولا ننسى قبل كل هؤلاء الشيخ عبدالله بن باز مفتى المملكة العربيةالسعودية سابقا والشيخ عبد الحميد كشك فارس المنابر الذين انتقلوا جميعهم الى رحمة الله كانوا اكفاء وبلغوا من العلم والتحصيل ما بلغوه من هذا الشأو العظيم.
ان على الصوماليين ونحن نحتفل باليوم العالمى للمعاقين ان يغيروا نظرتهم الى المبتلين ويحاولوا التعرف فى كيفية الاستفادة منهم. فبمقدورهؤلاء ان يقدموا الكثير للمجتمع. فلا فرق بين المعاق البدنى والسوى الا تمكن الاخير من استفادة الامكانات المتاحة حوله بشكل يعجز المعاق عنه. وبما ان الصوماليين بحكم الهجرات الاخيرة حول شتى بقاع العالم ومعاينتهم كيفية معاملة السلطات المختلفة والمتخصصة مع معاقيهم ومحاولة دمجهم فى المجتمع وزرع الثقة فى نفوس هؤلاء، عليهم ان يستفيدوا فى نقل هذه الخبرة الى بلدنا ويقوموا بالارشادات اللازمة لتوعية المجتمع تجاه معاملة ذوى العاهات.
ولا ادل من قدرة المعاقين فى تحقيق ما يصبون اليه من مشاركتهم فى دورة اولمبياد المخصصة لذوى الاعاقة والتى يحاولون من خلالها القيام بنفس التدريبات والمنافسات الرياضية التى يقوم بها الاسوياء مع اختلاف فى درجة العدو اوالحركات.
ان معاملة الضعيف بالحسنى واجب دينى قبل كل شى و تجب الاحاطة علما بان الاعاقة ليست مرادفة لعدم الانتاج. فعلينا الاستفادة من هذه الشريحة بالشكل المناسب بعد أن نهيا لهم الوسائل. فقد يكون من بينهم علماء وعباقرة نكون أحوج ما نكون اليهم فى هذا الظرف الحالى والعصيب من تاريخنا..
عمر على
Cumarcali74@yahoo.com